الحسن بن الهيثم.. عالم الضوء والبصريات
أبو العلي الحسن بن الحسن بن الهيثم، عالمٌ عربي مسلم برع في العديد من العلوم كالرياضيات والطب والفلسفة والفيزياء، وكتب في علم المنطق والأخلاق والسياسة والشعر والموسيقى وعلم الكلام، وكانت مساهمته في علم البصريات هي أكبر ما اشتهر به في الأوساط العلمية حتى وقتنا الحاضر، ولد بمدينة البصرة جنوب العراق عام 965م، وتوفي بمدينة القاهرة في العام ١٠٤٠م.
نظرية الضوء والرؤية: تعتبر نظريته عن الضوء والرؤية سابقة علمية لم تبنى على أية نظرية سابقة في التاريخ القديم أو حتى الإسلامي، فكان أول من درس العدسات واكتشف قدرة العدسة المحدبة في تكبير الأجسام، وحازت نظريته على اهتمام عريض مما أهلها لتكون سببًا في خدمة الإنسانية في القرن الثالث عشر الميلادي بصناعة النظارة، بعد ما يقارب من مئة عام على نظريته تلك، وكذلك فقد درس ابن الهيثم طريقة مرور أشعة الضوء عبر المواد المختلفة ليكتشف بعد ذلك قواعد انكسار الضوء، ولا يُنسى أنه أول من قام بتجربة تشتت الضوء إلى ألوان الطيف الأساسية، وقدم أطروحةً علميةً عن البصريات في سبعة أجزاء بعد أن حُكم عليه بالإقامة الجبرية لعشر سنوات بين عام ١٠١١م-١٠٢١م، وسماها كتاب المناظر الذي يُعد من أكثر الكتب تأثيرًا في علم الفيزياء المعاصرة لفهم الرؤية والضوء، ومؤلفه هذا يُضاهي كتاب الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية الذي كتبه إسحاق نيوتن.
ساهم كتاب المناظر في التطور العلمي في أوروبا، بعد أن وصلها في العام ١٢٠٠م وتُرجم للغة اللاتينية، وكان له تأثير كبير على علماء أوروبيين مثل يوهانس كيبلر، واعتبر الكتاب الأهم في علم البصريات، كما كان له دور بارز في حصول علماء القرن الثالث عشر على تصور جديد عن الكون وعن المبادئ الجمالية فيه، مما كان له أثر في فن العمارة القوطية للكاتدرئيات في العصور الوسطى، وكذلك على المنظور البصري الذي كان له فاعلية عليه في تطور الصور والتصوير.
اعتنى ابن الهيثم بدراسة الظل والكسوف وقوس الرحمن، مع اهتمامه بدراسة العديد من الظواهر الفيزيائية، كذلك اهتمامه بدراسة الطبيعة الفيزيائية للضوء، فتمكن عبر نظرياته التي توصل لها من تفسير ظاهرة تضخم حجم الشمس أو القمر عندما يقتربان من خط الأفق، وكان كذلك من أوائل من استخدم حجرة التصوير المظلمة والكاميرا ذات الثقب، وببحوثه وإسهاماته المتنوعة في علم البصريات عُد ابن الهيثم أبًا لعلوم البصريات المعاصرة.