هوية مبتكر مفهوم اللون.. يوهان جوته
يوهان فولفجانج فون جوته، الأديب الأشهر بتاريخ ألمانيا، والذي خلف إرثًا أدبيًا وثقافيًا ضخمًا للمكتبة الألمانية والعالمية، ولد بمدينة فرانكفورت الألمانية الواقعة على نهر الماين في يوم ٢٨ أغسطس عام ١٧٤٩م وتوفي في يوم ٢٢ مارس عام ١٨٣٢م، في بيت العائلة الذي يعرف باسم "بيت جوته".
ونظرًا لمكانة جوته الأدبية أطلق اسمه على أشهر معهد لنشر الثقافة الألمانية في مختلف دول العالم وهو "معهد جوته"، وهو المركز الثقافي الوحيد لجمهورية ألمانيا الاتحادية الممتد نشاطه على مستوى العالم.
وجوته لم يكن مجرد شاعر يُدون خواطره وأفكاره من خلال أشعاره وكتاباته الأدبية، بل كان متبحرًا في مختلف العلوم، منكبًا على دراسة العلوم والفنون بجميع أشكالها، كالرسم والشعر والموسيقى والتصوير، كما اهتم بدراسة علم النبات والطب والهندسة والحقوق والسياسة.، وبرع في جميع تلك المجالات المتنوعة بعبقريته الفذة.
واجتهد في دراسة اللغات وعكف على ذلك، حتى أتقن كلًا من اللاتينية واليونانية والإيطالية والفرنسية والإنجليزية والعبرية، وانتقل بحرصة للقراءة في ثقافات مختلفة، فغاص عميقًا في قراءة الأدب الشرقي، عن طريق الأدب الصيني والفارسي والعربي، مضيفًا لذلك تعمقه في الفكر الإسلامي، الذي لم يكتف فيه بالاطلاع على الثقافة العربية وعلى الشعر العربي تحديدًا، بل توسع بتبحره في قراءة كتب النحو والصرف متلهفاً وساعياً نحو المعرفة والتحصيل الرصين، كل هذه الأمور والاهتمامات الجليلة أهلته لأن يكون شاعراً متمكناً واسع الثقافة مطلعًا على العديد من العلوم والمعرفة.
ولقد كرَّس الشاعر الألماني الكبير جوته سنوات كثيرة لدراسة الألوان، بذل فيها الجهد العريض لسبر أغوار هذا العلم، فعارض نظريات نيوتن العلمية معارضة شرسة. ورغم أهميته وبراعة علمه فقد كان مخطئًا في هذا الصدد، وكانت إسهاماته في فن الألوان حماس العبقري وروحه وبصيرته المميزة. وقد اخترع جوته بعد ذلك دوائر ومثلثات الألوان.
وكان لجوته اهتمام عميق وآراء قوية فيما يتعلق بالعامل الجمالي والعاطفي للألوان، واعتقد بحسه الشاعري أنّ الألوان جميعها مشتقة من الضوء والظلام، وأنّ اللونين الأصفر والأزرق هما اللونين الأساسيين والرئيسيين للألوان بشكل عام.